U3F1ZWV6ZTI1NjY1NTEzMjg5MTU2X0ZyZWUxNjE5MjAyNTEwMTc1Mg==

بيداغوجية الخطأ



أخطاء المتعلمين و سبل معالجتها
توطئة   : تعتبر أخطاء المتعلمين حالة طبيعية و إيجابية بل تصرفا و نتيجة تعكس سعي المتعلم للتعلم، و هي  سلوك شائع لا تخلو منه حصة من الحصص الدراسية تقريبا، غير أن كثيرا من المدرسين لا يولونها ما تستحق من  كفاية في الاهتمام  وعمق في التحليل و المعالجة، باعتبارها شيئا مشوشا و حالة شاذة و سوء فهم لا تستحق الوقوف عندها  و ينبغي إقصاؤها و  تجنبها في أسرع وقت ممكن
إن أي عملية في اتجاه إكساب نشاط تعلمي معين ، تعمل على إهمال الخطأ كسلوك و التحقير من مرتكبه و لا تستثمره إلى حده الأقصى ، تعتبر قصورا ديداكتيكيا في الفعل التعليمي التعلمي و خطأ تربويا ناجما عن جهل ببيداغوجية "ظاهرة الخطأ" .
إن الخطأ ليس مجرد تعثر في الطريق، إنه إيجابي و مفيد في بناء فعل التعلم بل إنه نقطة انطلاق المعرفة، لأن هذه الأخيرة لا تبدأ من الصفر بل تصطدم بمعرفة قبلية موجودة فالمعرفة كما يؤكد باشلار " خطأ تم تصحيحه" و " الخطأ ، في عدم تقدير أهمية الخطأ .
1. تحديد بعض المفاهيم  :  الخطأ  : يعتبر الخطأ من المنظور البيداغوجي " قصورا لدى المتعلم في فهم أو استيعاب التعليمات المعطاة  له من طرف المدرس ، يترجم سلوكيا إلى إعطاء معرفة لا تنسجم و معايير القبول المرتقبة "[i] و يرى Lalande أنه : " حالة ذهنية أو  فعل عقلي يعتبر صائبا ما هو خاطئ أو العكس. "[ii]
بيداغوجية الخطأ : استراتيجية للتعليم و التعلم تعتبر الخطأ إيجابيا و هي خطة بيداغوجية تفترض وجود عوائق و صعوبات تواجه التلميذ خلال سياق تعلمي معين . تهتم هذه الخطة بالكشف عن  هذه الأخطاء ( حصرها، نوعها، كثافتها، دلالتها، تفسيرها، أسبابها …) و البحث عن سبل معالجتها، و على ضوئها تنظم الوضعيات التعليمية التعلمية.
2.   دلالات الخطأ :
د لا لا ت الــخـطـأ
مدلول الخطأ حسب المنظور السلوكي
مدلول الخطأ حسب المنظور  البنائي
لا يحدث فعل التعلم حسب السلوكية إلا نتيجة تغير في سلوك المتعلم، على إثر مهيج أو مؤثر صادر عن المحيط. و عليه فاكتساب المعرفة يتم بفعل تراكم المعارف و تكدسها و تجميع أجزاء سابقة منها عبر مراحل متتالية،  فيكفي تنقية و "كنس" مسار   تعلم  التلميذ من الأخطاء.و عليه فالخطأ ليس سوى عيبا و إجابة سيئة و شيئا شاذا و سلبيا ينبغي التخلص منه بسرعة و بأي ثمن، و التلميذ المخطئ، ينظر إليه دائما على أنه لم ينتبه أو لم يقم بالمجهود المطلوب و هكذا فالخطأ ينتج دائما حسب هذه المقاربة عن جهل أو عدم تأكد.
ترى  البنائية أنه مادام المتعلم يقوم ببناء المعرفة بنفسه من خلال أنشطة متنوعة فإنه يصادف بالضرورة تعثرات و عوائق و صعوبات و تناقضات تجره إلى الأخطاء، حيث تفضي بدورها إلى تطور المعرفة لديه، و عليه فالخطأ وسيلة تعلمية ضرورية لبناء المعرفة الجديدة ( عنصر انبنائي للمعرفة ). و لا تكتفي البنائية بالاعتراف بحق المتعلم في الخطأ و لكن تدعو إلى  تحليله و تفسيره و اكتشاف مصدره و معالجته. و يؤكد باشلار أن أخطاء تلامذتنا في فعل التعلم جزء من تاريخهم الشخصي و هي شبيهة إلى حد ما بالأخطاء التي عرفها تاريخ العلم خلال تطوره ، فلاوجود لمعرفة بدون أخطاء مصححة.
3.   مصادر أخطاء التلاميذ
الأخطـــــاء
التلميذ
نشوئي
Onthogénique 
قد يخطئ التلميذ لكوننا ندعوه لإنجاز عمل يتجاوز قدراته العقلية و مواصفاته الوجدانية المميزة للمرحلة النمائية التي يتواجد بها.
استراتيجي Stratégique
و المقصود به الكيفية التي يتبعها أو يسلكها التلميذ في تعلمه و إنجازه ( استراتيجيات تعلمه الذاتي)
ديداكتيكي
إن الأسلوب أو الطريقة المتبعة في التدريس قد تجر التلميذ إلى الخطأ. و هلم جرى بالنسبة للمحتويات و طبيعتها و الأهداف و نوع التواصل  القائم  و الوسائل التعليمية و تكوين المدرس
تعاقدي
قد تنتج الأخطاء عن غياب  الالتزام بمقتضيات العقد الديداكتيكي القائم بين المدرس و المتعلم إزاء المعرفة المدرسة ( غياب أو لبس في التعليمات المحددة لما هو مطلوب من التلميذ )
ابستمولوجي
إن تعقد المعرفة أو المفهوم المدرس و صعوبته لذاته قد تكون مصدرا لوقوع التلميذ في الخطأ
4. استراتيجية تجاوز الخطأ :
يمكن تلخيص الخطوات الأساسية في تجاوز أخطاء التلاميذ خلال دروس علوم الحياة و الارض في ما يلي :
الإشعار بحدوث الخطأ : و هنا لا ينبغي إغفال الخطأ و التنكر له أو اتخاذ موقف سلبي اتجاهه، بل لا بد من الترفق بالتلميذ المخطئ و الالتزام بحقه في الوقوع في الخطأ ، فالمدرس ملزم بضرورة اندراج تدخله في سيرورة المحاولة و الخطأ لدى التلميذ لا إقصاء هذه السيرورة.
تصنيف الأخطاء و محاولة تحديد نوعها و ترددها.
تحليل الخطأ و البحث عن الأسباب و الدوافع التي استجرت المتعلم لارتكابه، فهل هو ناتج عن تداعيات ابستمولوجية أم تعاقدية أم تعليمية  أو تعود للتلميذ لذاته  .
معالجة الخطأ: ضرورة التوغل في الخطأ و إعطائه بعدا تكوينيا ، فعلى االمدرس أن يظل يقظا حتى يساعد تلامذته على التخلص من الأخطاء و الوجيه في تصويب الخطأ أن يتولى صاحب الخطأ تصحيح خطأه بنفسه ، فإذا عجز طولب غيره و إذا عجز الجميع ذكرهم الأستاذ بالصواب و بين العلة والسبب.




تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة